عرض مشاركة واحدة
قديم 11-23-2010, 05:15 AM   #1
جاسيكا
şα3β αηšαķ
آج ــوديٌــة


الصورة الرمزية جاسيكا
جاسيكا غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2350
 تاريخ التسجيل :  Mar 2009
 أخر زيارة : 02-07-2023 (04:37 PM)
 المشاركات : 7,156 [ + ]
 التقييم :  3502
 اوسمتي
:: وسآم العطاء :: :: نجم مميز :: :: وسـآم آلمصّور آلآسبوعي :: :: المشرف المميز :: 
لوني المفضل : Darkgray

اوسمتي

افتراضي شـعرة البســاط..!



.







افتتن الخيّاط عندما أطلّت من نافذة محله كفّ بضّة. ورفع وجهه فرأى من فتحة النقاب ما صعقه: جمالاً أخّاذاً، ولطفاً ورقة عبارة. وكانت تريد أن تعدّل في فستان. دوّن طلباتها خلف الفاتورة بهدوء وتظاهر بتجاهلها. وما إن غادرت وأغلق المحل، حتى هجم على الفستان يشمّه ويتحسسه ويقبّله وأخيرا لبسه. ثم عاد إليه كرّةً أخرى بعين فاحصة، وأنامل تعرف ما تبحث عنه، حتى وجد الشعرة التي يريدها.

انتزعها بيسر، ووضعها في قارورة ماء مقطّر، وانتظر ريثما ينهي عمله. لكن وساوسه الجحيمية لم ترحمه؛ فعاد إلى مخدعه.

في البيت طفل وحيد، وامرأة جميلة سافر زوجها في انتداب عسكري، وأثاث بسيط، وصالة يتوسطها بساط عتيق، كانت قد فرشت عليه الفستان لتتأمله قبل أن تذهب إلى الخياط، الذي هو الآن في غرفته المشبعة بروائح البهارات الحارة يقرأ عزائمه، ويستحضر أعوانه، ويطبّق المعادلة الدقيقة، لعلها تلقي بالكيان الشهيّ بين أحضانه.

ارتجف البساط ارتجافا يسيرا، فصرخ الطفل اللمّاح فزعا. وخيل إلى أمه أن ما رأته وهم، لولا أنه ارتفع ثانية كوجه يوشك على العطاس. ولولت المرأة، وخطفت ابنها ملتجئة إلى المجلس، وأطبقت الباب وأرخت سمعها، فيما دبت الحياة في البساط؛ فانقضّ على الجدران يتحسسها، وارتعشت أهدابه كألف أصبع؛ وخفق وأضطرب، وما إن عاد ليستريح على الأرض مستجمعا أنفاسه حتى اشرأب قائما ليهاجم بقعا أخرى من الجدران، ويجد الباب الخارجي؛ فلولب نفسه كالمسمار منطلقا بزاوية رأسية كالرمح، وكسر المخرج.

عانق الكائن المسحور هواءً ونورا غيبته عنه السنين، غير أنه كان مسيّرا لا مخيّرا؛ فالتوى يميناً، ثم شمالا، كعابر سبيل يتأكد من خلوّه من المارة. ثم استقل صهوة النسيم إلى باب العمارة التي يقطن الخياط غرفة سطحها.

التف كثعبان معمّر عركته الأيام، وزحف على السلالم المتآكلة، بصوت مثل خشخشة نعال تنزلق على الأرض. حتى انتهى به المقام إلى فسحة السطح، حيث غرفة الخياط، الموصدة على عزائمه.

وكما في المرة السابقة، اتخذ وضع الرمح، وانقضّ على الباب المهترئ انقضاض الصاعقة. وما إن وجد بغيته حتى التفّ بها، وضمّها ضمّ عشق جريح، يحطّم الضلوع، وتسلّم إليه الروح القياد.



لـ الكاتـــب رآدف


 
 توقيع : جاسيكا


لــم أعد أبالي ..



رد مع اقتباس